icon

استشارة قانونية مجانية هنا!

إذا كنت بحاجة إلى مساعدة محام - اسأل هنا ، نجيب سريعًا ومجانيًا!

الدردشة عبر الإنترنت مع محام

المسئولية الجزائية لممثل الشخص الاعتباري

قضى الحكم محل تعليقنا بأن الممثل القانوني للشخص الإعتباري يكون مسئولاً عن أفعاله التي باشرها بصفته ممثلاً للشخص الإعتباري ولايخل ذلك بمسئولية الشخص الاعتباري ذاته، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ29-12-2010م في الدعوى الدستورية رقم (1/5) لسنة ٢٠٠٥م، الذي ورد ضمن أسبابه: ((هذا وبالتأمل لكل ما جاء في الطعن على المادة (49) من قانون الضريبة على المبيعات، والقول بأن هذه المادة الطعينة  تخالف مبدأ شخصية المسئولية الجنائية وشخصية العقوبة المكفول في الدستور، والدائرة تجد أنه لا خلاف بشأن مبدأ شخصية المسئولية الجنائية وشخصية العقوبة في الدستور، فلا يمكن مساءلة شخص عن أعمال غيره كمبدأ عام إلا إذا كان فاعلاً أصلياً فيها أو شريكاً للفاعل الأصلي، غير أن الشخص الإعتباري ذا الصفة العامة أو الصفة الخاصة يكون له ممثل هو من يتولى الإدارة الفعلية والرقابة والإشراف عليه، ويكون بيده زمام المبادرة في إدارة الشخص الاعتباري وتصريف اعماله  والهيمنة على شئون الشخص الإعتباري ويعبرعنه ويمثله أمام القضاء، فهذه السلطات توجب مسئولية مدير الشخص الاعتباري، عملاً بقاعدة  حيث تكون الصلاحية تكون المسئولية ، فمن المقرر قانوناً  ان حقوق الشخص الاعتباري مقاربة لحقوق الشخص الطبيعي، وعلى الشخص الاعتباري من الواجبات ما يوجب مساءلته عند الإخلال بالتزاماته  مثلما يتحمل الشخص الطبيعي اذا اخل بإلتزامه، فمن المهم القول: أن الشخص الإعتباري لا يدير نفسه بل أن إدارته منوطة بأشخاص طبيعين  يباشروا أعمال الشخص الاعتباري، ويكون بيدهم زمام أمور الشخص الاعتباري ويستقلون بها ويتخذون القرارات بشأنه ويهيمون عليه، وتعد أعمالهم في إدارة الشخص الإعتباري هي ذاتها أعماله، اما القول: بالمسئولية المفترضة فإنها تكون بشأن الشخص الاعتباري ذاته،  غير ان مسئولية من يدير الشخص الإعتباري ليست مسئولية مفترضة بل هي مسئولية حقيقية تستند إلى سبق العلم بالإختصاصات وتحديد المسئوليات في أعمال الشخص الإعتباري، وتتحدد تبعاً لها المسئولية القانونية، وهذا كافٍ لدحض فكرة إنعدام المسئولية التي يجب أن يتحملها الشخص الإعتباري عن طريق مديريه، إذ أن مدراء الأشخاص الاعتبارية على علم بمسئولياتهم، ولذلك فإن عدم قيامهم بهذه المسئولية يوجب تحميلهم نتيجة أفعالهم أو إهمالهم))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية  :

الوجه الأول: ماهية الشخصية الاعتباري:

 

تطلق بعد القوانين  مسمى الشخص الاعتباري في حين تطلق عليه بعض القوانين الشخص المعنوي،وقد اختار القانون اليمني تسمية الشخص الاعتباري وليس الشخص المعنوي ، وهناك تعريفات عدة للشخصية الإعتبارية، فقد عرفها الأستاذ رمضان أبو السعود  بأن: “الشخصية المعنوية ماهي إلا مجموعات من الأشخاص الطبيعية أو الأموال يجمعها غرض واحد، ويكون لهذه المجموعة شخصية قانونية لازمة لتحقيق هذا الغرض، منفصلة عن شخصية المكونين أو المنتفعين بها ” .كما عرفها الدكتور عمار عوابدي بأنها: “كل مجموعة من الأشخاص تستهدف غرضا مشتركا، أو مجموعة من الأموال ترصد لفترة زمنية محددة لتحقيق غرض معين، بحيث تكون هذه المجموعة من الأشخاص أو الأموال كيانا قانونيا ” شخص قانوني” مستقلا عن  الأشخاص والأموال المكونة له، له شخصية وذمة قانونية مستقلة وقائمة بذاتها لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات باسمه ولحسابه، كما أن هذه المجموعة لها مصلحة جماعية مشتركة ومستقلة عن المصالح الشخصية والفردية لأفراد المجموعة “، وهناك أيضا من يعرفها بأنها “مجموعة من الأشخاص أو الأموال تتحد من أجل تحقيق غرض معين، ومعترف لها بالشخصية القانونية، وهو كيان له أجهزة خاصة تمارس عملا معينا وأن هذه الفكرة تنتج عنها مجموعة آثار من الناحية القانونية تجعل من هذا الشخص قادرا على إبرام العقود وله ذمة مالية خاصة به، كما يتمتع بأهلية التقاضي، وقد تم اكتشاف هذه الفكرة لإضفاء الشخصية القانونية على مجموعة أشخاص وأموال سواء في مجال القانون العام، كالدولة، الوزارة والمحافظة المديرية والهيئة والمؤسسة والشركة العامة ، أو  في نطاق القانون الخاص كالشركات والجمعيات والمؤسسات والمحلات الخاصة “.كما عرفها الدكتور سمير عالية ” بأنها تكتل من الأشخاص أو الأموال يعترف له القانون بالشخصية والكيان المستقل، ويعتبره كالشخص الطبيعي من حيث الحقوق والواجبات، وهي متعددة الأشكال إذ من بينها الدولة، المؤسسات العامة، المصالح المستقلة، المحافظات ، الجمعيات، النقابات، الشركات، وكل مجموعة من الأشخاص أو الأموال يعترف لها القانون بالشخصية المعنوية ”( المسئولية الجزائية للشخص المعنوي، أحمد الشافعي، ص٣).

 

ولتكوين الشخص الاعتباري يجب توافر فيه عناصر معينة، فمنها الموضوعي، والمادي، والمعنوي، ويشترط أن تتوفر في الشخص الاعتباري هذه العناصر ، ما عدا العنصر الشكلين، فاشتراطه يختلف  باختلاف الشخص الاعتباري، وبيان عناصر الشخص الاعتباري كما يأتي:

 

أولا/ العنصر الموضوعي:وهو اتجاه إرادة الأفراد إلى إنشاء الشخص الاعتباري ، فللإرادة دور فعال في ذلك، فالشركات لا تنشأ إلا بعقد حسبما هو مقرر في القانون المدني وقانون الشركات، وكذلك الحال بالنسبة للجمعيات والمؤسسات إذ تنشأ بمقتضى اتفاق وفقا لقانون الجمعيات والمؤسسات .

 

 

ثانيا/ العنصر المادي:يتمثل في مجموعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال وفقا لنوع الشخص المعنوي المراد إنشائه، ففي مجموعة الأموال، كشركات المساهمة لا بد من توافر المال وأن يكون كافيا لتحقيق الغرض المقصود إضافة إلى العنصر الشخصي في مجموعات الأشخاص.

 

 

ثالثا/ العنصر المعنوي:يجب أن يكون غرض الشخص المعنوي يهدف إلى تحقيق مصلحة المجموعة، سواء كان هدفا عاما يحقق بذلك المصلحة العامة أو خاصا بجماعة معينة كمصلحة الشركاء في الشركة، ولابد من تحديد الغرض ماليا كان أو غير مالي، إضافة إلى شرط المشروعية وعدم مخالفته للنظام العام والآداب العامة.

 

 

رابعا/ العنصر الشكلي:هذا العنصر مهم جدا في تكوين بعض الأشخاص المعنوية، خاصة منها ما يتطلب فيها القانون الرسمية والشهر أو يلزم الحصول على ترخيص خاص لاكتساب الشخصية الاعتبارية ، فقانون الشركات اشتـرط أن يكـون عقدهـا مكتوبا في شكل رسمي ويتم  قيدها لدى الإدارة المختصة بوزارة الصناعة والتجارة .وبتوافر هذه العناصر يتم الاعتراف بالشخص الاعتباري ، بعد تدخل المشرع لإنشائها وإعطائها الصبغة القانونية ككيان لموجود قانوني ومحدد وهو ما يعرف بالاعتراف العام، كما يمكن أن يفرد القانون للأشخاص الاعتبارية الذين لا تنطبق عليهم الشروط العامة وصفا خاصا ويتدخل حالة بحالة لإنشاء ها بتشريعات خاصة، وهو ما يعرف بالاعتراف الخاص كما هو الحال بالنسبة للجمعيات .ويترتب على الاعتراف بالشخصية  نتائج هامة، حيث يتمتع الشخص الاعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان وذلك في الحدود التي يقررها القانون ويكون لها ذمة مالية وأهلية في الحدود التي يعينها عقد إنشاءها أو التي يقررها القانون ويكونلها موطن وهو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها كمايكون لها ممثل قانوني  يمثلها ويعبر عنها،،ويكون للشخص الاعتباري حق التقاضي،  فمن المسلم به قانونا أنه يحق للشخص الاعتباري  أن يتملك الأموال وأن يتعاقد بواسطة من يمثله قانونا،  فالشخص الاعتباري يتمتع بكافة الحقوق عدا ما يكون ملازما لصفة الشخص الطبيعي، كما أن الشخص الاعتباري يسأل مسؤولية مدنية سواء في ذلك مسؤولية عقدية أو تقصيرية، ويلتزم في ذمته بدفع التعويضات التي تستحق بسبب ما يرتكبه ممثلوه من أفعال ضارة باسمه ولحسابه، على أساس المسؤولية عن فعل الغير كقاعدة عامة.

 

لكن قد يرتكب ممثلوا الشخص الاعتباري باسمه ولحسابه أفعالا إجرامية، أو يخالفون الغرض من إنشائه، أو يوجهوا نشاطه إلى بعض صور السلوك التي يعاقب عليها القانون، حسبما اشار الحكم محل تعليقنا، وسوف نبين ذلك في الأوجه المقبلة.

 

الوجه الثاني: نطاق الشخص الاعتباري الذي يكون محلا للمسأئلة الجزائية:

 عرف قانون الجرائم والعقوبات اليمني في المادة(١ ) عرف الأشخاص الاعتبارية بأنها(تشمل الشركات والهيئات والمؤسسات والجمعيات التي تكتسب هذه الصفة وفقا للقانون، وتأخذ حكم الأشخاص الطبيعية بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، ويكتفي في شأنها العقوبات التي يمكن تطبيقها عليها )، وفي السياق  ذاته عرف قانون الجرائم والعقوبات اليمني المؤسسة العامة في المادة(١ ) بأنها(ويقصد بها المرافق والمؤسسات التي تمتلكها الدولة أو تسهم في راس مالها وتهدف إلى تحقيق نفع عام وتشمل الهيئات والشركات العامة والاحزاب والنقابات والاتحادات والجمعيات والوحدات الإدارية والمجالس المحلية )، ومن خلال النصين السابقين يظهر ان القانون قد اكسب الشخصية الاعتبارية على الشخصيات العامة والشخصيات الخاصة .ويقصد بها بالمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري أساسا، والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، كما يندرج في هذا المفهوم  المؤسسات العامة ذات الطابع الإداري التي تمارس نشاطا ذا طبيعة إدارية، تتخذها الدولة و المجموعات والوحدات المحلية وسيلة لإدارة مرافقها الإدارية، فيندرحضمنها المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والتكنولوجيا والمؤسسات العامة ذات الطابع صناعي والتجا ري،وهي أشخاص عامة تابعة للقانون الخاص، يكون موضوع نشاطها تجاريا وصناعيا مماثل للنشاط الذي تتولاه الأشخاص الخاصة، تتخذها الدولة والجماعات المحلية كوسيلة لإدارة مرافقها ذات الطابع الصناعي والتجاري، وهي تخضع في هذا لأحكام القانون العام والقانون الخاص معا كل في نطاق معين  هذا الأخير ولو أنه أدخل تحت طياته  كأشخاص معنوية عامة، إلا أنها تبقى تثير غموض من حيث إخضاعها للمساءلة الجزائية بعد تعاقب التعديلات على القوانين الداخلية لهذه المؤسسات، وهو ما يثير نوع من الإشكال القانوني من حيث مكانتها في المساءلة بعد استحداث المسؤولية الجزائية

 

 

 وكذا تخضع الأشخــاص الاعتبارية الخاصـــة للمسائلة الجزائية وفقا للتعريف الوارد في المادة( ١)من قانون الجرائم والعقوبات السابق ذكرها، وعلى هذا الأساس فإن كافة الأشخاص الاعتبارية الخاصة تسأل جنائيا عما يمكن أن ترتكبه من جرائم في الحالات التي ينص عليها القانون، مهما كان الشكل الذي تتخذه، أو الهدف الذي أنشأت من أجله، سواء كانت تهدف إلى تحقيق الربح أو تسعى إلى ذلك.وهكذا تسأل جزائيا التجمعات الإدارية التي منحها القانون الشخصية الاعتبارية أو القانونية، فيدخل فيها الشركات أيا كانت أشكالها: مدنية أو تجارية وأيا كان شكل إدارتها وأيا كان عدد المساهمين فيها، ويدخل في هذه الفئة أيضا الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي، الثقافي، الرياضي، بمجرد إعلانها إلى الجهات الإدارية المختصة، والنقابات والتجمعات ذات الأهداف الاقتصادية، سواء كانت تابعة للقطاع الخاص أو القطاع العام، كالمؤسسات العمومية الاقتصادية أو شركات اقتصادية مختلطة.وبما أن المسؤولية الجزائية لا تتقرر إلا للأشخاص التي تتمتع بالشخصية الاعتبارية ، لان  قانون الشركات والقانون المدني قد نصا على أن الشركة كعقد تعتبر بمجرد تكوينها شخصا اعتباريا، غير أن هذه الشخصية لا تكون حجة على الغير إلا بعد استيفاء إجراءات الشهر للشخص الإعتباري المنصوص عليها قانونا، على أن إخلال الشركة بهذه الإجراءات يخول للغير حق التمسك بتلك الشخصية في مواجهتها، أي أن الشخصية الاعتبارية  للشركات المدنية تثبت لها من تاريخ تكوينها بالنسبة للأطراف ومن تاريخ استكمال إجراءات الشهر بالنسبة للغير.

 

 

أما بالنسبة للشركات التجارية فإن القانون التجاري  قد نص على ان لا تتمتع الشركة بالشخصية الاعتبارية إلا من تاريخ قيدها في السجل التجاري، وقبل إتمام هذا الإجراء يكون الأشخاص الذين تعهدوا باسم الشركة ولحسابها متضامنين من غير تحديد أموالهم، إلا إذا قبلت الشركة بعد تأسيسها بصفة قانونية أن تأخذ على عاتقها التعهدات المتخذة، فتعتبر بمثابة تعهدات الشركة منذ تأسيسها، وانطلاقا من ذلك لا مسؤولية جزائية على الأشخاص التي تتمتع بالشخصية الاعتبارية ، وهو ما يثير خلافا بشأن إمكانية خضوع بعض الحالات للمسؤولية الجزائية، كالمجموعات أو التكتلات التي أنكر المشرع صراحة تمتعها بالشخصية المعنوية، كشركة المحاصة  التي لها صفة التستر ولا وجود لها تجاه الغير، وهذا يعني أنه في حالة ارتكاب جريمة تحت غطاء  شركة المحاصة، فإن المسؤولية تقع على عاتق المديرين أو أعضاء الشركة ،إضافة إلى شركة الواقع  لأنها تعتبر شركة  فعليه يفرضها الواقع كالوراثة، فحالتها تتساوى مع وضع الشركة التي يتم حلها بواسطة القضاء.وعلى هذا الأساس قيل أن معيار الشخصية الاعتبارية  يعد عنصرا ضروريا في تقرير المسؤولية الجزائية، وأنه متى ثبتت لأي كيان قانوني أصبح من الممكن مساءلته جزائيا عن الجرائم التي يرتكبها وهو بصدد ممارسة نشاطه.، إلا أن اشتراط الشخصية الاعتبارية يثير من الناحية العملية إشكالية مدى مسؤولية الأشخاص  الاعتبارية في مرحلة الإنشاء والتأسيس، ومرحلة التصفية، وبيان ذلك فيما يأتي:

 

 

1 – مرحلة الإنشاء والتأسيس:تكتسب الشركة المدنية الشخصية الاعتبارية من يوم تكوينها، على خلاف الشركات التجارية من تاريخ القيد في السجل التجاري، فإذا ارتكبت جريمة خلال فترة تأسيس الشركة، فهل يمكن إخضاعها لأحكام المسؤوليةالجزائية،؟ فقد سبق أن أوضحنا أن قانون الجرائم والعقوبات قد نص على المسؤولية الجزائية للأشخاص الاعتبارية ، والاستناد إلى عبارات النص يقود إلى نفي المسؤولية الجزائية عن الشركة في مرحلة الإنشاء والتأسيس، طالما أنها لم تكتسب الشخصية المعنوية بعد.

 

 

2- مرحلة التصفية:لا يترتب على حل الشركة مباشرة اختفاء الشخصية الاعتبارية ، إذ على الرغم من قرار الحل الصادر من القضاء فإنها تظل قائمة لتلبية احتياجات التصفية التي قد تأخذ وقتا طويل،  فإذا ارتكبت جرائم باسم الشخص المعنوي وهو في هذه المرحلة فهل يجوز مساءلته جزائيا؟الجواب كان محل اختلاف بين الفقهاء،إلا أننا نجد أن الهدف من إبقاء الشخصية القانونية للأشخاص الاعتبارية مستمرة بعد انقضاء الشركة طوال فترة التصفية لاتخاذ الإجراءات الضرورية وإبرام العقود والتصرفات، ستكون على هذا الأساس مسؤولة من الناحية الجزائية عن الجرائم المحددة في قانون الجرائم والعقوبات العقوبات على أن تكون قد ارتكبت خلال هذه الفترة لحساب الشخص الاعتباري وباسمه من طرف  ممثليه .ونشير في كما أن الأشخاص الاعتبارية الأجنبية تكون خاضعة  للمسؤولية الجزائية التي تخضع لها الأشخاص الاعتبارية متى كانت نشاطاتها خاضعة لأحكام قانون الجرائم والعقوبات.

 

الوجه الثالث : الجرائم التي تندرج ضمن المسئولية الجزائية للشخص الاعتباري :

 

 نظرا لطبيعة الشخص الاعتباري، فإنه ينبغي الإشارة إلى الجرائـم المرتكبة من الشخص الاعتباري التي تخضع لأحكام المسؤولية الجزائية، وفي هذا الشأن فإن بعض الاحكام  تختلف عنها بالنسبة  للشخص الطبيعي الذي يمكن متابعته جزائيا من أجل أية جريمة منصوص ومعاقب عليها في قانون العقوبات وباقي النصوص العقابية الأخرى متى توافرت أركان الجريمة وشروط المتابعة، فإنه لا يجوز متابعة الشخص الاعتباري  ومساءلته جزائيا إلا إذا وجد نص يفيد بذلك صراحة. ذلك أن مسؤولية الشخص الاعتباري خاصة ومتميزة إضافة إلى خضوعها لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات ،إذ لا جريمة ولا عقوبة ولا تدابير أمن إلا بنص.غير أن المطلع على التشريعات التي أقرت هذا النوع من المسؤولية يكتشف أنها لم تحصرها في جرائم معينة، بل عملت على توسيع نطاقها والحفاظ على خصوصيتها، ومن ضمن هذه القوانين قانون الجرائم والعقوبات اليمني .وكذا يسأل جزائيا الشخص الاعتباري في القانون الفرنسي عن كافة الجرائم الواقعة على الأموال أو الأشخاص أو الدولة، وبيان الجرائم التي يسأل عنها الشخص الاعتباري جزائياً كما يأتي: ١- الجرائـــم الواقعـــة علـى الأشخـــاص

 

 

 صرح قانون الجرائم والعقوبات على أن الشخص الاعتباري يسال جزائياً عن الأفعال التي نص القانون على أنه من الجرائم ومن ضمنها جرائم الإعتداء على الأشخاص ، وهذا ماذهب اليه القانون الفرنسي الذي نص تحت عنوان”الجرائم ضد الأشخاص” بعد إقراره بمسؤولية الشخص الاعتباري ،  نص على37 جريمة من معدل89 لتشمل بذلك كل الجرائم العمدية وغير العمدية إضافة إلى التعديلات المتعاقبة والقوانين المستحدثة لتوسيع إطار هذه المسؤولية حتى تصل إلى عدد كبير من الجرائم، وهو ما تم تفعيله من طرف القضاء بتأكيده على مسؤولية هذا الأخير عن أي خطأ من شأنه تعريض حياة أو صحة الأفراد إلى خطر دونما أي تحديد إذا كان بصورة عمدية أو غير عمدية.٢-الجرائـم الواقعـــة علـى الأمــوا،: مع ماقيل من افتراضات على مبدأ المسؤولية الجزائية للأشخاص الاعتبارية ، إلا أن الإقرار بهذه المسؤولية كان أمرا ضروريا لمواجهة  الجرائم الخطيرة التي ترتكب باسم ولصالح الشخص المعنوي، ويترتب عليها أضرار جسيمة لا يمكن مواجهتها أو التعويض عنها إلا بمساءلة الشخص المعنوي جزائيا، خاصة في ظل التطورات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تفرض التحديث المستمر والدائم للقوانين الجزائية.وفي هذا الإطار نص القانون الفرنسي في الكتاب الثالث المتعلق بالجرائم ضد الأموال على مسؤولية الشخص الاعتباري  الجزائية بصورة أوسع من الجرائم الواقعة على الأشخاص إذ حصرها في19 حالة من مجموع 22، إضافة إلى طائفة من الجرائم ضد الأمة أو الدولة أو السلم العام …

 

الوجه الرابع : شروط قيام المسؤولية الجنائية للشخص الاعتباري :

 

تعتد المسؤولية الجزائية للشخص الإعتباري مسؤولية غير مباشرة، لأنه لا يمكن تصورها إلا بتدخل الشخص الطبيعي، على أساس ان الشخص الاعتباري كائن غير مجسم، فلا يمكنه أن يباشر النشاط إلا عن طريق  المكلف بادارته من الأشخاص الطبيعيين المكونين له.وإذا كانت مسؤولية الشخص الطبيعي لا تثير إشكالا إذ يمكن تحديدها بالنظر إلى ركني الجريمة المادي والمعنوي، فإن هذا المعيار لا يصلح عندما يتعلق الأمر بالشخص الاعتباري ، لذا يقتصر دور القاضي في البحث أولا عن الجريمة محل المساءلة والنص القانوني المطبق عليها، ثم شروط نسبتها بطريقة غير مباشرة باعتبارها مسؤولية مشروطة لإعمالها يجب أن ترتكب لحسابه وبواسطة أعضائه أو ممثله،ولذلك يشترط لمسئزلية الشخص الاعتباري شرطان هما :

 

 الشرط الأول :ارتكــاب الجريمـــة لحســاب الشخـــص الاعتباري :  فالشخص الاعتباري لا يسأل عن الجريمة التي تقع من ممثله إذا ارتكبها لحسابه الشخصي أو لحساب شخص آخر، بيد أنه من الملاحظ  أنه هناك صعوبة من حيث التمييز بين المصلحة الخاصة لممثل الشخص الاعتباري والمصلحة العامة للشخص الإعتباري الذي يديره ممثله ، مما يجعل هذا الشرط أقل صرامة مما لو استعملت عبارة “بواسطة ممثليه وباسمه ولمصلحة أعضائه”.

 

 فحتى تقوم المسؤولية الجزائية للشخص الاعتباري ، لا بد من ارتكاب جريمة بجميع أركانها المادية والمعنوية سواء في مواجهة شخص طبيعي أو  اعتباري من قبل ممثل  الشخص الاعتباري ، إما بهدف تحقيق ربح مالي للشخص الاعتباري كتقديم رشوة لحصول مؤسسة اقتصادية على صفقة، أو الحصول على فائدة أو تفادي خسارة، طالما قام بها وهو بصدد ممارسة صلاحياته في الإدارة والتسيير حتى وإن لم يحقق من وراءها أي ربح مالي .وفي هذا الإطار اعتبر القانون الفرنسي أن أعمال التمييز التي يقوم بها مدير شركة وهو بصدد التوظيف، تسأل عليها الشركة حتى وإن كان لا يجني من وراءها أي ربح لهذه الأخيرة مادام قد تصرف لحسابها،وتدعمه مقولة  “أنه بالإمكان أن يصبح الشخص الاعتباري مسؤولا من خلال الشخص الطبيعي الذي يمثلهم، ويرتكب الأفعال في مكانه ولمصلحته”.وعليه فإن حلول الشخص الطبيعي مكان الشخص الاعتباري من حيث التعبير عن إرادته وإدارة وتسيير ممتلكاته تخرجنا عن دائرة المسؤولية عن فعل الغير، وتضعنا أمام تطبيق القواعد العامة في القانون الجنائي المطبقة أساسا على الشخص الطبيعي.نقول أن المسؤولية الجزائية للشخص الإعتباري كفاعل أصلي تقوم كقاعدة عامة- خاصة ووفقاً للمادة(1 ) من قانون الجرائم والعقوبات السابق ذكرها  إذ بتوفر الركن الشرعي والمادي والمعنوي للجريمة، الناتج عن ممثله أو أحد أجهزته باعتبارهما فاعلين أصليين متى ارتكبت الجريمة باسم الشخص الاعتباري و لحسابه،ويعد شريكا من خلال اشتراك  ممثليه في جريمة معينة باسمه ولحسابه وفق شكل من أشكال المساهمة الجنائية المحددة في قانون  الجرائم والعقوبات  في المساعدة أو المعاونة على ارتكاب الأفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها.كما يمكن أن يسأل الشخص الاعتباري عن الشروع في ارتكاب الجريمة من طرف ممثليه أو أحد أجهزته حتى ولو تم توقيفه عن إتمامها في مرحلة التنفيذ.وتبعا لذلك ونظرا لطبيعة الشخص الاعتباري الخاصة، المجردة وغير الملموسة فإن من غير الممكن تصور قيام الشخص الاعتباري بالعناصر المادية للجريمة وتوجيه إرادته لإحداثها، لذا يحتاج الشخص الاعتباري  لتدخل شخص طبيعي يستطيع أن يرتكب أفعالا مجرمة تنسب رغم ذلك إليه، وأمام هذا يجدربنا أن نتساءل: هل أن المسؤولية التي تقع على الشخص الاعتباري تزيح إمكانية مساءلة الشخص الطبيعي الذي أرتكب الجريمة مباشرة أم يمكن أن نجمع المسؤوليتين؟وهل أن تحديد مسؤولية الشخص المعنوي تتطلب إقرار مسؤولية الجهاز أو الممثل؟

 

 

1-مسؤولية الشخص الاعتباري لا يمنع من مساءلة الشخص الطبيعي:إن المسؤولية الجزائية للشخص الاعتباري لا تمنع مساءلة الشخص الطبيعي كفاعل أصلي أو كشريك في نفس الأفعال” وهذا  مانصت عليه المادة 121/2 من القانون الفرنسي،لذا حرص القانون على تأكيد أن مساءلة الشخص الاعتباري جنائيا ليس معناها إعفاء الشخص الطبيعي الذي ارتكب الجريمة من المسؤولية إذ أمكن تحديده كفاعل أو شريك ، متى ماتوفرت في حقه أركان إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات.لذلك قرر القانون صراحة أن مسؤولية الشخص الاعتباري عن الجريمة تتحقق دون الإخلال بمسؤولية الشخص الطبيعي، ويعني ذلك أن القانون يقر في هذا الخصوص مبدأ ازدواج المسؤولية الجزائية عن الفعل الواحد، فمسؤولية الشخص الاعتباري عن الجريمة المرتكبة لا تجب مسؤولية الشخص الطبيعي عنها، بل يبقى من الوجهة المبدئية كل من الشخص الطبيعي والشخص الاعتباري مسؤولا بالاشتراك عن  الفعل ذاته، ويعاقب كل منهما على انفراد، حسب مركزهما في  الجريمة  ذاتها  بحسب وصفهما( فاعل أصلي أو شريك)، لإضفاء المزيد من الحماية الجنائية لحقوق ومصالح الشخص الاعتباري، وهذا ماخلص اليه الحكم محل تعليقنا .

 

 

2-تحديد الشخص الطبيعي ليست شرطا ضروريا لمساءلة الشخص المعنوي:وهكذا فإن وفاة الشخص الطبيعي، أو زوال الصفة التمثيلية للشخص الاعتباري  لا تحول دون متابعة الشخص الاعتباري عن الجريمة التي ارتكبها ممثل الشخص الاعتباري لحساب  الشخص الاعتباري ، وفي هذا الصدد عدة قرارات صادرة عن محكمة النقض الفرنسية  قضت بمتابعة الشخص الاعتباري في هذه الحالة، وكذلك الحال إذا استحال التعرف على الشخص الطبيعي الذي ارتكب الجريمة لحساب الشخص الاعتباري ، فيحدث ذلك على وجه الخصوص في جرائم الامتناع والإهمال، وكذا في الجرائم المادية التي لا تتطلب لقيامها توافر نية إجرامية أو عمل مادي إيجابي، فمن المحتمل في هذه الحالات أن تقوم المسؤولية الجزائية للهيئات الجماعية للشخص الاعتباري ، دون التمكن من الوقوف عند دور كل عضو من أعضائها في ارتكاب الجريمة وإسناد المسؤولية الشخصية عنها لفرد معين.ويبقى أنه في حالة الجرائم العمدية المنسوبة إلى الشخص الاعتباري فإن التحديد يصبح ضروريا لأن إثبات القصد الجنائي متوقف على مدى وعي وإرادة ارتكاب الجريمة من طرف ممثل الشخص الاعتباري أو أحد طاقمه الإداري  .بيد أنه في هذه الحالة  لا يلزم تحديد الشخص الطبيعي الذي ارتكب الفعل المعاقب عليه ، لا يعتبر أمرا ضروريا لقيام المسؤولية الجزائية للشخص الإعتباري إذ يكفي للقاضي التأكد من قيام الجريمة بجميع أركانها، وارتكابها من طرف ممثل الشخص الاعتباري أو أحد أجهزته، وهو ما يتناسب مع المبادئ العامة للقانون الجنائي في نظرية المساهمة التي تقتضي أن مساءلة الشريك تفترض وجود فعل أصلي مجرم دون أن تكون مرتبطة بالمساءلة الفعلية للفاعل الأصلي، مما يحقق نوعا من العدالة النسبية.

 

الوجه الخامس : مسئولية الممثل القانوني للشخص الإعتباري عند إرتكابه للجريمة لحساب الشخص الاعتباري وبصفته ممثلا للشخص الإعتباري :

 كان الحكم محل تعليقنا  قد قضى بأن مدير الشخص الاعتباري يسال عن الأفعال الجرمية  التي يباشرها نيابة عن الشخص الاعتباري، لا يمكن للشخص المعنوي أن يرتكب جريمة بنفسه وإنما يرتكبها عن طريق شخص طبعي معين أو عدة أشخاص طبيعيين يملكون حق التعبير عن إرادته ويمثلونه، وبالتالي فمتى ارتكب الشخص المعنوي جريمة فان القاضي عند بحثه لمدى قيام المسؤولية الجنائية يجب عليه إثبات أن الجريمة قد ارتكبت من طرف شخص طبيعي له علاقة بالشخص المعنوي ثم يبين من ناحية ثانية فيما إذا كانت الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة تسمح بإسنادها إلى الشخص المعنوي، وهذا يتطلب بطبيعة الحال معرفة الشخص الطبيعي الذي ارتكب الجريمة وما إذا كان يملك حق التصرف باسم الشخص المعنوي، ففي إطار تحديد الشخص الطبيعي الذي يمثل الشخص المعنوي نجد أن هناك اتجاهين  في التشريع المقارن: احدهما يشترط أن تكون الجريمة قد وقعت من طرف شخص طبيعي يحتل وظيفة هامة لدى الشخص المعنوي، أما الاتجاه الثاني فيكتفي لإمكان معاقبة الشخص المعنوي مجرد وقوع الجريمة من احد العاملين لديه دون تفرقة بين الموظف البسيط والذي يقوم بدور رئيسي في إدارة أعمال الشخص المعنوي والرقابة على سيرها.

كما يثار التساؤل حول حكم تجاوز ممثل الشخص المعنوي حدود اختصاصاته، هل يجوز مساءلة الشخص الطبيعي في هذا الفعل؟ أم يجب إسناد المسؤولية إلى شخص معنوي بذاته؟ في هذا السياق يسود في القانون الانجليزي اتجاه يعتبر انه يجب لمساءلة الشخص المعنوي جنائيا أن يكون الشخص الطبيعي قد تصرف في حدود وظيفته وفقا للنظام الأساسي للشخص المعنوي ذاته، وبعكس الاتجاه المذكور قررت التوصية الصادرة عن المجلس الوزاري للدول الأعضاء في الوحدة الأوربية رقم 18-88 في سنة 1988 انه يجب أن يسال الشخص المعنوي جنائيا ولو كانت الجريمة لا تدخل في نطاق الاختصاص العملي بالنسبة لممثله القانوني، ومن تم فان تجاوز الشخص الطبيعي لحدود اختصاصاته لا يحول دون مساءلة الشخص المعنوي عن الجريمة التي ارتكبت بسبب هذا التجاوز، وبعنبر الرأي الأخير هو الأجدر بالتأييد خاصة عند ارتكاب الجريمة غالبا ما يكون ممثل الشخص المعنوي قد تجاوز حدود سلطاته.

فارتكـاب الجريمـة مـــن قبل ممثـل الشخــص الاعتباري، له أهمية بالغة

من حيث فصل المسؤولية الجزائية للشخص الإعتباري عن مسؤولية الشخص الطبيعي الممثل للشخص الإعتباري ، الذي قد يرتكب أفعالا لا علاقة لها مع نشاط الشخص الاعتباري، لذا قرر قانون الجرائم والعقوبات  قيام مسؤولية الشخص الاعتباري اذا اقدم على الجريمة الممثل القانوني للشخص الإعتباري أو أحد افراد طاقمه الإداري المختص، وبيان ذلك فيما يأتي :

 

1-إرتكاب الجريمة من طرف أجهزة الشخص الاعتباري :وهذه الحالة لا تثير إشكالا  بمفهوم القانون أو النظام القانوني الخاص المحدد لأعضاء الشخص الاعتباري وأجهزته، وهم عادة الأشخاص المختصون قانونا كي يتحدثوا ويتصرفوا باسم الشخص الاعتباري ، ويدخل في هذا المفهوم كل من مجلس الإدارة، المدير التنفيذي ، المدير العام  رئيس مجلس الإدارة رئيس مجلس الإدارة رئيس مجلس المديرين، مجلس المراقبة، الجمعية العامة للشركاء، أو الأعضاء بالنسبة للشركات، ونجد كل من الرئيس، أعضاء المكتب، الجمعية العامة عندما يتعلق الأمر بالجمعيات والنقابات.

 

 

2-إرتكاب الجريمة من طرف ممثل الشخص الاعتباري :يقصد بممثلي الشخص الاعتباري  الأشخاص الطبيعيين الذين يتمتعون بسلطة التصرف باسمه سواء كانت هذه السلطة قانونية، أو بحكم عقد التاسيس أو النظام الأساسي المؤسسة كالرئيس والمدير العام، المدير التنفيذي ، رئيس مجلس الإدارة، المدير العام.إضافة إلى الممثلين القضائيين الذين يوكل إليهم القضاء مهمة مباشرة إجراءات التصفية عند حل الأشخاص الاعتبارية . لذلك فن الأمر يستدعي تحديد الممثل القانوني للشخص الإعتباري بدقة، وفي هذا الشأن فقد إستبعد الفقه الفرنسي أن يكون المدير الفعلي المعين  بطريقة مخالفة للقانون للقانون أو عقد التاسيس أو النظام الأساسي للمؤسسة أو الشركة من ممثلي الشخص الاعتباري، كما أنه ووفقاً اما جاء في القانون الفرنسي الذي ذكر “ممثلي الشخص الاعتباري يحمل على الاعتقاد بأنه استبعد الأجراء والتابعين، وعليه لا يكون الشخص الاعتباري مسؤولا جزائيا عن الجريمة التي يرتكبها أحد مستخدميه بمناسبة أو أثناء أداء وظيفته بمبادرة منه، حتى وإن استفاد منها الشخص الاعتباري، وبناء على ذلك  يستبعد كل من المدير الفعلي، الأجراء، والتابعين من دائرة تجريم الشخص الاعتباري، وفي هذا الشأن هناك إشكاليات خلاصتها كما يأتي :

 

 

أ/ وضعية الشخص الاعتباري الجزائية اتجاه العضو أو الممثل الذي يتجاوز حدود سلطاته:غني عن البيان أنه إذا تصرف العضو أو الممثل للشخص الإعتباري في حدود سلطاته التي يستخدمها بنص القانون أو بموجب الاتفاق أو النظام الأساسي ، فإن هذا التصرف –إن وقع تحت طائلة قانون العقوبات- يرتب مسؤولية الشخص الاعتباري إن توافرت شروط قيام هذه المسؤولية.ولكن قد يحدث أن يقوم أحد هؤلاء بتجاوز حدود سلطاته، فهل يرتب هذا التصرف -على الرغم من وجود هذا التجاوز- المسؤولية الجزائية للشخص الإعتباري ؟ يذهب بعض الفقه إلى أن مسؤولية الشخص الاعتباري لا تثور إلا إذا تصرف أحد أعضائه في حدود السلطة المخولة لهم، إلا أن غالبية الفقه في فرنسا ترى من ناحية أخرى أن هذا الشرط لم يستلزمه القانون الفرنسي في نص المادة 121/2 قانون عقوبات وبالتالي لا يجوز الركون إليه.ومن جهة أخرى فإن الأخذ بهذا الرأي السابق يؤدي من غير مبرر إلى وجود مساحة من عدم المسؤولية الجنائية للأشخاص الاعتبارية .وقد ذهب القانون الفرنسي في هذه المسألة إلى الأمر بحل الشركة عندما تكون قد انحازت عن الغرض الذي أنشأت من أجله لتجاوز  طاقمها الإداري حدود صلاحياته، إلا أن الأمر يبقى أقل وضوحا عندما يتعلق الامر بممثل الشخص الاعتباري، نظرا لصعوبة رسم حدود الاختصاص، وتحديد صفة الممثل مما يدعوا القاضي التريث والتدقيق عند البحث في شروط المتابعة الجزائية للشخص الإعتباري .

 

 

ب/ مسألة أجهزة الواقع أو بما يعرف بالعضو أو الممثل الفعلي:قد يكون تعيين أحد المديرين أو دعوة الجمعية العامة أو مجلس الإدارة باطلا لسبب أو لآخر، ومع  ذلك يتصرف  المدير لحساب الشخص الاعتباري ، فهل يمكن إقرار مسؤولية هذا الشخص الاعتباري عن الأفعال المرتكبة من طرف  الممثل الفعلي للشخص الإعتباري ؟ يذهب غالبية الفقه إلى رفض مسؤولية الشخص الاعتباري في هذه الحالة، إذ هو في نظر البعض ضحية أكثر منه متهما.وفي نظر البعض الآخر أنه لا يجوز قيام مسؤولية الشخص الاعتباري إلا في الحالات وبالشروط التي نص عليها القانون صراحة، وطالما أن هذا القانون لم ينص على قيام المسؤولية الجزائية في هذه الحالة فمن غير الممكن قياس الإداريين الفعليين على الإداريين القانونيين، وعلى العكس من ذلك يرى جانب من الفقه ضرورة إقرار هذا النوع من المسؤولية حتى لا يتم خلق نوع من الحصانة لصالح الأشخاص الاعتبارية التي يكون فيها مديروها القانونيين مجرد أسماء مستعارة، خاصة في حالة ما إذا كان العضو أو الممثل الفعلي يقوم بمهامه في وضع شبه رسمي، من قبل الشركاء اوالأعضاء.

 

 

جـ/ مدى مسؤولية الشخص الاعتباري الجزائية في حالة الأشخاص المتمتعون بتفويض الاختصاص أو حالة إعطاء توكيل للتصرف باسم ولحساب الشخص الاعتباري : تفويض الاختصاص يؤدي إلى تفويض المسؤولية، مادام الوكيل كان يتصرف بمثابة ممثل قانوني للشخص الإعتباري ، كتفويض مدير مصنع أو مدير وحدة إنتاج، لذا أفعاله تلزمه إذا توفرت كافة شروط قيام المسؤولية الجزائية، وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية في العديد من قراراتها حيث قضت بأن الشخص الطبيعي الذي تلقى تفويض سلطات من هيئات الشخص الاعتباري يكون ممثلا له، وهو الرأي الذي نميل إلى اختياره ، ونتمنى أن يكرسه القضاء حتى يعطي لمفهوم المسؤولية الجزائية للشخص الإعتباري الفعالية عند التطبيق، على خلاف ما ذهب إليه  بعض الفقه حيث استبعد مسؤولية الشخص الاعتباري عند منح تفويض على أساس أن مدير مصنع أو مدير وحدة لا يمكنه إلزام الشخص الاختياري، لأنه مجرد أجير أو تابع له .

 

الوجه السادس: إجــــراءات المتابعـــة الجزائيــة للشخــص الاعتباري :

غني عن البيان أن الشخص الاعتباري لا يمثل أمام القضاء يشخصه وإنما بواسطة ممثليه بما  يتناسب مع وضعه أثناء مراحل المحاكمة ، خاصة عند الجمع بين مسؤوليته ومسؤولية الشخص الطبيعي الذي يديره وتطبيقا لذلك قرر القانون القواعد الخاصة بالشخص الطبيعي من حيث التحقيق و المحاكمة  حيث تطبق على الشخص الاعتباري قواعد المتابعة و التحقيق والمحاكمة المنصوص عليها في قانون الإجراءات ،  فإجراءات المتابعة لتقديم الشخص الاعتباري أمام الجهات القضائية هي ذاتها المتبعة بالنسبة للشخص الطبيعي.

 

اما بالنسبة للتمثيل القانوني أو الإتفاقي  للشخص الإعتباري ، فالعبرة بصفة الممثل القانوني وقت مباشرة إجراءات الدعوى وليس بتاريخ ارتكاب الجريمة وإذا تم تغيير الممثل للشخص الإعتباري خلال سير الإجراءات فيجب على الممثل القانوني الجديد للشخص الإعتباري أن يخطر الجهة المختصة باسمه.كما أجاز القانون أن يتم تمثيل الشخص الاعتباري أمام جهات التحقيق والمحاكمة بواسطة ممثل اتفاقي، فالممثل القانوني للشخص الاعتباري هو الشخص الطبيعي الذي يخوله القانون والنظام الأساسي للشخص الإعتباري تفويضا لتمثيله، أي أن يكون له تفويضا بهذا الأمر وفقا للقانون أو النظام الأساسي للشخص الإعتباري.

 

 

 وقد نص قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي -على حالتين يقوم فيهما رئيس المحكمة بطلب من النيابة بتعيين ممثل قضائي من ضمن مستخدمي الشخص الاعتباري .الحالة الأولى: عندما تتم ملاحقة الشخص الاعتباري وممثله القانوني معا في الجريمة ذاتها أو حتى في وقائع مرتبطة بها، فهنا تتخذ إجراءات الدعوى الجزائية ضد هذا الممثل باعتباره مسؤولا شخصيا عن الجريمة المرتكبة خاصة وأنه من المقرر كما سبق أن ذكرنا، أن المسؤولية الجزائية للشخص الإعتباري لا تستبعد مساءلة الشخص الطبيعي عن الجريمة ذاتها، وهذا ما أشاراليه الحكم محل تعليقنا،  وترجع علة ذلك إلى الحرص على تفادي التعارض بين المصلحة الخاصة للممثل القانوني للشخص الاعتباري وبين مصلحة الشخص الاعتباري ذاته.الحالة الثانية: عندما يكون الممثل القانوني أو الإتفاقي غير مؤهل لتمثيل الشخص الاعتباري كأن يكون أمام حالة فرار المدير أو المدير التنفيذي، ففي هذه الحالة يقوم رئيس المحكمة بتعيين وكيل قضائي للشخص الإعتباري بناء على طلب النيابة العامة لكفالة حق الدفاع.ويرى جانب من الفقه أنه يمكن تعيين ممثل قضائي للشخص الإعتباري إذا كان ممثله موجودا لكنه يرفض الدفاع عنه . سلطة التحقيق في مواجهة الشخص الاعتباري: إن من أهم النتائج المترتبة على مبدأ الجمع بين المسؤوليتين مسئولية ممثل الشخص الاعتباري ومسئولية الشخص الاعتباري ذاته من نتائج ذلك :هو ملائمة المتابعة بالنسبة للنيابة، لذا يميز بين حالة الشخص الطبيعي الممثل للشخص الإعتباري ، وحالة الشخص الاعتباري في حد ذاته.

 

 

أ‌- حالة الشخص الطبيعي الممثل للشخص المعنوي:عندما تتخذ إجراءات الدعوى الجزائية تجاه ممثل الشخص الاعتباري بصفته وليس كمسؤول عن الجريمة هنا لا يجوز أن يتعرض هذا الممثل لأي إجراء ينطوي على إكراه غير تلك الإجراءات التي تتخذ ضد الشاهد، ومن ثم لا يجوز القبض عليه ولا حبسه مؤقتا أو إخضاعه للرقابة القضائية، والإجراء الوحيد الذي ينطوي على الاجبار الذي يمكن أن تتخذه النيابة أو المحكمة المختصة تجاهه هو إجباره على الحضور بواسطة رجال السلطة العامة إذا رفض الحضور طوعا، غير أن الشخص الاعتباري ذاته يمكن إخضاعه للرقابة القضائية .

 

 

ب – حالة الشخص الاعتباري ذاته:يبدو من غير المعقول تطبيق إجراءات الحبس المؤقت على الشخص الاعتباري مثلما هو الحال بالنسبة للشخص الطبيعي، غير أن للمحكمة كامل الصلاحية بعد توجيه الاتهام من طرف النيابة في وضع الشخص الاعتباري تحت نظام الرقابة القضائية - وبمقتضى ذلك تستطيع النيابة والمحكمة عند نظرها القضية أن تخضع الشخص الاعتباري لتدبير أو أكثر من التدابير الآتية:Ø إلزامه بدفع كفالة.Ø إلزامه بتقديم تأمينات عينية لضمان حقوق الضحية.Ø منعه من ممارسة بعض الأنشطة المهنية أو الاجتماعية إذا كانت الجريمة ارتكبت أثناء ممارسة هذه الأنشطة أو بمناسبتها.Ø المنع من إصدار شيكات أو استعمال بطاقات الدفع مع مراعاة حقوق الغير.ويجوز للنيابة التعديل من مضمون هذه الرقابة أو رفعها كلية إما تلقائيا أو بطلب من النائب العام أو المتهم حسب القواعد العامة.وبطبيعة الحال فإن مخالفة الالتزامات المفروضة على الشخص الاعتباري بناء على الرقابة القضائية لا يكون الحبس المؤقت كما هو الوضع بالنسبة للشخص الطبيعي بل يترتب عليه غرامة مناسبة. ولا يمكن معاقبة الشخص الاعتباري وممثله بعقوبتين على  الفعل الواحد.

 

 الوجه السابع: الجزاءات المناسب تطبيقها على الشخص الاعتباري:

 

 لفظ الجزاء يشمل العقوبة والتدبير في  الوقت ذاته خاصة بعد الاعتراضات التي لاقتها فكرة المسؤولية الجزائية للشخص الإعتباري ، وقد كان من بين أسباب الاعتراض في إقرارها أن العقوبات المنصوص عليها وعلى الأخص السالبة للحرية لا يمكن تطبيقها على الشخص الاعتباري، ولكن بعد اتساع نطاق تطبيق عقوبة الغرامة وابتكار عقوبات جديدة تتلاءم مع طبيعته، لم يعد لهذا الاعتراض محل.

 

تتعدد العقوبات والتدابير التي يمكن أن توقع على الأشخاص الاعتبارية ، ويختلف نطاقها من تشريع لأخر، وقدصرحت المادة(١ ) من قانون الجرائـم والعقوبات أنه تطبق على الشخص الاعتباري العقوبات التي تتناسب مع طبيعة الشخص الاعتبارييترتب على قيام المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية خضوعها للجزاء المقرر قانوننا بموجب حكم قضائي، فقد كان من بين أسباب الاعتراض على إقرار مسؤولية الأشخاص المعنوية جنائيا هو عدم إمكانية خضوعها لبعض العقوبات المقررة التي تطبق على الأشخاص الطبيعيين خصوصا العقوبات السالبة للحرة، إلا أن هذا الاعتراض قد تجاوزته الكثير من التشريعات الحديثة من خلال توسيع نطاق تطبيق العقوبات المالية مع ابتكار عقوبات جديدة تتلاءم مع طبيعة الشخص المعنوي كما هو الشأن بالنسبة لقانون العقوبات الفرنسي، حيث يعد من أهم القوانين التي تضمنت أحكاما تفصيلية بشان العقوبات التي توقع على الأشخاص المعنوية سواء من حيث أنواعها أو كيفية تطبيقها.

 

وعموما فالقوانين التي تقر بمبدأ المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية في وضعها للجزاءات التي تطبق على هذه الأشخاص، إلا أن مدى تنوعها وكيفية تطبيقها يختلف من تشريع إلى آخر، وعليه سنحاول التعرف على هذه الجزاءات من خلال بعض القوانين سواء ما يتعلق منها بالقانون الفرنسي في شق أول، أما في الشق الثاني فسنخصصه على وجه التحديد لدراسة بعض العقوبات الطبقة في القوانين العربية .

أولا: في فرنسا

لقد كان القانون الفرنسي القديم قبل الثورة الفرنسة، يقرر المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية المتمثلة في الجماعات والمقاطعات والمدن والقرى والشركات، وكان الأمر الملكي الصادر سنة 1670 ينص على الإجراءات التي تتبع في المحاكمة.

وأمام تكرار النصوص الخاصة بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في قوانين متعاقبة، استجابة للضرورات العملية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية فقد حسم قانون العقوبات الفرنسي الجديد الخلاف حول المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية بنص صريح، اعترف فيه بمسؤولية جميع الأشخاص المعنوية باستثناء الدولة، هكذا فيعد إقرار المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي على النحو الذي جاءت به في المادة  121/2 بموجب قانون رقم 2004-204 الصادر بتاريخ 9 مارس 2004، من أهم المبادئ القانونية التي استخدمها القانون الفرنسي الجديد حيث نصت المادة 121/2 على أن الأشخاص المعنوية باستثناء الدولة تكون مسؤولة جنائيا طبقا للمقتضيات الواردة في الفقرات من 121/4 إلى 121/7 في الجرائم المرتكبة لحسابها من طرف أعضائها أو ممثليها، ويعني هذا أن القانون الفرنسي قد أقر صراحة عدم مساءلة الدولة جنائيا، وأقر مبدأ ازدواجية المسؤولية الجنائية عن الفعل الواحد، كما نجد أن القانون الفرنسي قد نظم العقوبات المطبقة على الشخص المعنوي في باب خاص بذلك من الفقرة 37 إلى الفقرة 49 في المادة 131 وميز فيها بين عقوبات الجنايات والجنح وعقوبة المخالفات،فالمادة 131/37 تنص على العقوبات المطبقة على الشخص المعنوي في حالة الجنايات والجنح وهي : الغرامة حيث نجد أنها تضاعفت 5 مرات بالمقارنة مع الشخص الطبيعي لنفس الفعل، وتضاعف كذلك 10 مرات في حالة العود.

كما تطبق كذلك العقوبات المبينة في المادة 131/39 وتتلخص في:

1- حل الشخص المعنوي  .

2- حظر مزاولة نشاط واحد أو أكثر من الأنشطة المهنية أو الاجتماعية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بصفة نهائية أو لمدة 5 سنوات على الأكثر.

3- الوضع تحت الرقابة القضائية لمدة 5 سنوات على الأكثر.

4- غلق المؤسسات أو واحد أو أكثر من فروع المشروع الذي استخدم في ارتكاب الجريمة نهائيا أو بصفة مؤقتة لمدة 5 سنوات على الأكثر، ويترتب على الوقف النهائي سحب الترخيص، أما الوقف المؤقت فلا يترتب عليه سوى وقف الترخيص.

5- الاستبعاد من الأسواق العامة.

6- الحرمان من دعوى الجمهور للادخار (الاكتتاب) ويكون هذا المنع إما بصفة نهائية أو لمدة لا تتجاوز 5 سنوات على الأكثر.

7- المنع من إصدار الشيكات، ما عدا تلك التي تمكن الساحب من استرداد أمواله أو تلك المعتمدة وحضر استعمال بطاقات الوفاء لمدة لا تزيد على 5 سنوات.

8- المصادرة حيث جاء في المادة 131/39 ثلاثة أنواع من المصادرة:

أولا :  مصادرة الأشياء التي استعملت أو كانت معدة لاستعمالها في الجريمة أو الأشياء المتحصلة منها.

ثانيا: مصادرة الحيوان الذي استعمل في ارتكاب الجريمة، أو الذي ارتكبت ضده.

ثالثا: مصادرة الحيوان المحتفظ به لمدة 5 سنوات على الأكثر.

والمصادرة قد تكون جزئية أو كلية، غير أن هذه الأخيرة لا يحكم بها إلا إذا كانت عقوبة الحبس تتعدى سنة باستثناء جرائم الصحافة.

9- نشر حكم الإدانة وذلك بأي وسيلة من وسائل الإعلام العمومي، سواء بواسطة الصحافة المكتوبة أو بالطرق الالكترونية الحديثة، ويكون هذا النشر على نفقة المكوم عليه شرط أن لا تزيد على الحد الأقصى المقرر لعقوبة الغرامة.

أما المخالفات فعقوبتها قد نصت عليها المادة 131/40 كذلك، وتتمثل أساسا في الغرامة، العقوبات السالبة أو المقيدة للحقوق الواردة في المادة 131/42، وكما هو الحال في غرامات الجنايات والجنح، فان عقوبة الغرامة في المخالفات تصل إلى 5 أضعاف الغرامة المحددة قانونا، وتضاعف إلى 10 مرات في حالة العود، بل تشدد في المخالفات من الدرجة الخامسة إلى 15 ضعف في الحالات التي تحددها اللائحة.

وقد أعطى القانون الفرنسي  إجراءات خاصة لهذا النوع من المخالفات، فقد أجاز للمحكمة أن تطبق عليه بدلا من الغرامة العقوبات التالية، والتي أطلق عليها عبارة العقوبات السالبة أو المقيدة للحقوق وهي:

المنع من إصدار الشيكات لمدة سنة غير تلك التي تمكن الساحب من استرداد مواله، كذا الشيكات المعتمدة ومنع استعمال بطاقات الوفاء.

مصادرة الأشياء التي استعملت أو كانت ستستعمل في ارتكاب الجريمة التي تحصلت منها.

اما القوانين العربية  سواء بالنسبة لقانون العقوبات والقوانين الخاصة في عدد من الدول العربية على إمكان إنزال عقوبات جنائية تلائم الشخص المعنوي، وقد نص قانون الجرائم والعقوبات اليمني على ذلك حسبما سبق بيانه، فقد تضمنت قوانين العقوبات  في كل من لبنان وسوريا والأردن نفس الإحكام بشان الجزاءات الجنائية التي توقع على الأشخاص المعنوية سواء أكانت في صورة عقوبة أم تدبير احترازي فمثلا تقرر المادة 210 من قانون العقوبات اللبناني وتقابلها المادة 209 من قانون العقوبات السوري والمادة 74 من قانون العقوبات الأردني على انه لا يمكن الحكم عليها أي أشخاص المعنوية إلا بالغرامة أو المصادرة ونشر الحكم، وإذا كان القانون ينص على عقوبة أصلية غير الغرامة أبدلت أي الغرامة محل العقوبة المذكورة في الحدود المعينة.

كما يجيز قانون العقوبات اللبناني اتخاذ التدابير الاحترازية ضد الشخص المعنوي بغرض مواجهة الخطورة الإجرامية التي يمكن أن تشكلها الهيئات بموجب المادة 211 المتعلقة بتطبيق التدابير الاحترازية العينية وذلك طبقا للمادة 73، وتشمل المصادرة العينية وإغلاق المحل ووفق الهيئة المعنوية  عن العمل أو حلها، كما نصت كل من المادة 108 و 109 من قانون العقوبات اللبناني على تدبيري الوقف والحل. وعموما فالمشرع اللبناني قد تبنى الاتجاه الحديث الذي يقضي بتقرير المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية حيث أصبحت مبدأ عاما في قانون العقوبات من خلال المادة 210/2 التي تنص على أن الهيئات المعنوية مسئولة جنائيا عن أعمال مديرها وأعضاء إدارتها وممثلها وعمالها عندما يأتون هذه الأعمال باسم الهيئات المذكورة أو بإحدى وسائلها.

القانون المصري:

لم يتضمن قانون العقوبات المصري نصا عاما يقرر المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية واستقر القضاء على انه في غير الأحوال الاستثنائية المنصوص عليها قانونا لا يجوز مساءلة الشخص المعنوي جنائيا، وإنما هذه المسؤولية تقتصر فقط على الأشخاص الطبيعيين الداخلين في تكوينه، وان كانت القاعدة العامة في القانون المصري هي عدم الاعتراف بالمسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية، إلا أن ذلك لا يمنع من تقرير هذه المسؤولية على سبيل الاستثناء حيث اتجه المشرع المصري تحت ضغط الظروف الاقتصادية والاجتماعية إلى تقرير هذه المسؤولية بالنسبة لبعض الجرائم حيث أن الشخص المعنوي يسال عن جميع الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 48 التعلق بقمع التدليس والغش المعدل بقانون رقم 281 لسنة 1994. كما أن مسؤولية الأشخاص المعنوية لا تؤدي إلى استبعاد مسؤولية الأشخاص الطبيعية وهذا ما قررته المادة بقولها ” دون إخلال بمسؤولية الشخص الطبيعي “. فالمشرع المصري نص على جزاءات لا تقل أهمية عن تلك المنصوص عليها في التشريعات العربية، لكن هذه المسؤولية الجنائية وحسب هذا القانون ضيق النطاق، وكما سبق الذكر لا تتعلق سوى بالمخالفات المتعلقة بالغش و التدليس، مع ملاحظة أن العقوبة المفروضة على الشخص الطبيعي قد حددتها المادة 6 من القانون التكميلي المعدل سنة 1994 و تتمثل في :

1- غرامة تعادل الغرامة المعاقب بها عن الجريمة التي وقعت.

2- وقف نشاط الشخص المعنوي لمدة لا تزيد عن سنة، وفي حالة لعودة لمدة لا تزيد عن 5 سنوات أو إلغاء الترخيص النهائي (المسئولية الجزائية للشخص المعنوي في التشريع المغربي، رجاء الهلالي، ص، ٣) والله اعلم.

refresh 332

اكتب رسالة مفصلة للمحامي

لم يتم نشر رقم الهاتف! توقع ردا على هذه الصفحة. يمكنك إضافته إلى "المفضلة" والعودة في وقت مناسب لك..

استشارات
0

 

 

Посещаемость:

Яндекс.Метрика