icon

استشارة قانونية مجانية هنا!

إذا كنت بحاجة إلى مساعدة محام - اسأل هنا ، نجيب سريعًا ومجانيًا!

الدردشة عبر الإنترنت مع محام

على الزوج أن يدفع تكاليف تعليم زوجته

 

المسلمون عند شروطهم وتطبيقاً لهذا التوجيه الشرعي الصريح، إذا اشترط ولي المرأة عند زواجها  على زوجها أن تواصل الزوجة تعليمها حتى تتخرج من الجامعة، فيجب على الزوج  عندئذ الوفاء بهذا الشرط  وكذا يجب على الزوج الوفاء بأي  شرط لايتنافى مع مقتضيات عقد الزواج ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 10-10-2018م في الطعن رقم (61718)، وقد كان الحكم الاستئنافي قد قضى (بالزام الزوج المستأنف ضده بالوفاء بشرط التعليم لزوجته فلانة بنت فلان سنة على الزوج وسنة على والدها إن كان التعليم في جامعة اهلية وان كان تعليمها في جامعة حكومية فعلى الزوج نفقات ذلك وعلى الزوج متابعة تعليمها)، وقد اقر حكم المحكمة العليا الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((اما من حيث الموضوع فقد ناقشت الدائرة ما أورده الطاعن من أسباب في عريضة طعنه، فوجدت ان تلك الأسباب متعلقة بوقائع النزاع الداخلة في إختصاص محكمة الاستئناف، وقد ناقشت محكمة الاستئناف ذلك مناقشة موضوعية صحيحة توصلت من خلالها إلى نتيجة موافقة للشرع والقانون، مما يستوجب القول بعدم الجدوى من الطعن مما يتعين رفضه))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: الشرط المعتبر في الفقه والقانون:

الشرط المعتبر في الفقه الإسلامي والقانون اليمني: هو الشرط الذي لا يتنافى مع مقتضيات العقد كان يشترط ولي المرأة على زوجها ان يحسن عشرتها ومعاملتها  فذلك من مقتضيات العقد ، وبالمقابل لاتكون الشروط المنافية لعقد الزواج معتبرة فتكون باطلة ويكون عقد الزواج صحيحا كأن يشترط ولي المرأة على زوجها أن لا يدخل بها أو يشترط على الزوج عدم الإنجاب أو غيرها من الشروط التي تتنافى مع مقتضيات وغايات وحكم عقد الزواج، وعلى هذا الأساس يجوز الشرط الموافق لمقتضيات عقد الزواج كأن يشترط ولي المرأة على الزوج ان يعاملها بإحسان، وكذا يجوز الشرط  الذي فيه مصلحة شرعية للزوجة أو الزوجين معا كشرط إستمرار الزوجة في عملها أو إدارتها لأموالها أو خدمتها لوالديها العاجزين، وغير ذلك من الشروط التي فيها مصلحة للزوجة أو الزوجين .

 وفي هذا المعنى نصت المــادة(263) مدني على أنه( يصح اقتران العقد بالشرط الذي يقتضيه او يلائمه ويؤكد موجبه كما يصح اقتران العقد بالشرط المتعارف عليه الذي جرت به عادة البلد او تقرر في المعاملات بين التجار وارباب الصنائع بما لا يخالف الشرع )، وفي السياق ذاته نصت  المادة(264) مدني على أنه( يبطل الشرط الذي لا يكون من مقتضيات العقد ولوازمه ولا مما يؤكد موجبه ولا جرى به العرف، وكذا الشرط الذي لا نفع فيه لاحد العاقدين او لغيرهما والعقد المقرون به صحيح ).

والمقصود بالشرط في عقد الزواج: الزام أحد الزوجين او كل منهما للآخر بشيء إضافي، غير ما يجب عليه بطبيعة العقد، او التخلي عن شيء مطلوب منه بطبيعة العقد،كما لو اشترطت الزوجة على الزوج في العقد أن يأخذها للحج مثلاً، أو أن يسكنها في مكان معين، فهذا الشرط يعتبر الزاماً للزوج بشيء إضافي، ليس واجباً عليه في الاصل،وكذلك لو شرطت عليه أن لا يطأها، أو أن لايمنعها من الذهاب إلى اماكن معينة، فهذا الشرط يعطيها المجال للتنصل مما هو متوجب عليها تجاه زوجها بحسب العقد،ومثل ذلك لو شرط الزوج على زوجته في العقد، أن تقوم بخدمة البيت او خدمة والديه، بينما هو ليس واجباً عليها بمقتضى العقد. أو اشترط عدم تحمله لأعباء سكناها، وذلك واجب عليه في الاساس. كل تلك امثلة على الشروط التي تقع في عقد الزواج، ولاريب أن هناك شروط مخالفة للعقد كما ان هناك شروط موافقة للعقد، وبيان ذلك كما يأتي :

 اولا : الشروط المنافية لمقتضى العقد:
اذا كان الشرط منافياً لمقتضى العقد وطبيعته، فإنه شرط باطل، وقد يترتب يبطل العقد ايضاً. فمثلاً: مقتضى البيع والشراء، أن تنتقل ملكية المبيع والتصرف فيه إلى المشتري، فلو شرط البائع أنه يبيع المشتري ارضاً بشرط انه لا يحق له التصرف فيها، فإن هذا الشرط يعطل المقصود من عقد البيع، وكذا ذا اشترط احد الزوجين في العقد على الآخر شرطاً مخالفاً لشرع الله تعالى، فإنه يبطل ، كما لو اشترطت الزوجة عليه أن لا يعطي ضرتها حقها، أو ان يترك والديه او اولاده، أو أن يوّفر لها شيئاً محرما، وكذلك لو شرط الزوج على زوجته أن تترك الحجاب، او تقطع رحمها، فهذه الشروط وامثالها لا غية ولا تؤثر على صحة العقد.
 أي ان الشرط يبطل فقط ويكون العقد صحيحا، اذ  يذهب غالبية الفقهاء الى أن الشرط المخالف لمقتضى العقد يبطل فقط في حين يصح عقد الزواج، ويذهب الشيعة الجعفرية إلى أن الشرط وعقد الزواج يبطلا معا ، للتصادم بين حقيقة العقد، وبين التزام الشرط.،مثل اذا اشترطت الزوجة في عقد الزواج أن لا يستمتع الزوج بها مطلقاً، وان يكون محرماً عليها او ان تكون الزوجة كالاجنبية، فهذه الشروط واشباهها يبطل العقد والشرط معاً،فقد قال  الشيرازي من الشيعة الجعفرية : ((كل شرط نافى مقتضى العقد بطل، اذ لا يتحقق العقد، كما اذا نكح بشرط ان لايكون الرجل محرماً للمرأة، او باع بشرط ان لا يملك المشتري المثمن-مثلاً-)) ، وقال  السيستاني: ((اذا اشترط مايخالف مقتضى العقد، كأن اشترطت المرأة في عقد الانقطاع ان لايكون للزوج حق الاستمتاع بها مطلقاً، بطل العقدوالشرط معاً).  
 ثانيا : الشروط المخالفة للشرع:
تدل النصوص الشرعية على أن الشرط المخالف لشرع الله تعالى يكون شرطاً باطلاً لا غيا،فقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة عن رسول الله  أنه قال: « ما بال اقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ ماكان من شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل، وإن كان مائة شرط، كتاب الله احق، وشرط الله او ثق » 
 ثالثا :الشروط التي اختلف الفقهاء بشأن صحتها :
 يذهب الشيعة الجعفرية والحنابلة إلى أنه اذا اشترط احد الزوجين في العقد شرطاًغير مخالف لمقتضى العقد، ولا مخالفاً للشرع، وقبل به الطرف الآخر، فإنه يكون شرطاً لازماً، ويجب الوفاء به، لما ورد في صحيح البخاري عن عُقبة بن عامر عنه  أنه قال: « أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج»  فالاخلال بالشرط يستوجب الاثم لأنه معصية، لكنه لا يعني فسخ العقد، و لا يعطي حق الخيار،وبناء على ذلك تصح عند الحنابلة الجعفرية الشروط الآتية :

 1- يصح أن تشترط الزوجة ان لا يتزوج عليها، ويجب عليه الالتزام بهذ الشرط، ولو خالف وتزوج فهو مأثوم، لكن زواجه صحيح، ويمكنها أن تشترط أنه إن نكح عليها امرأة أخرى فلها مبلغ معين من المال.

2- يجوز ان تشترط الزوجة أن تكون وكيلة عن الزوج في طلاق نفسها متى شاءت، او في حالات معينة، فيكون لها حينئذٍ الحق في أن تطلق نفسها منه، بوكالتها عنه، حسب الشرط، ولا يمكنه عزلها، فاذا طلقت نفسهاصح طلاقها.
٣ -يصح للزوجة أن تشترط عليه في العقد أن لا يطأها، او أن لا يفتض بكارتها، وحينئذٍ لا يجوز له ذلك الا إذا أذنت، ولو أجبرها فعل حراماً من حيث مخالفة الشرط، لكن لا يلحقه حكم الزنا.اقرا ايضالا يصح إلزام هيئة الأراضي بإستكمال الإجراءات إذا لم تكن ممثلة في الدعوىتمثيل المحامي لهيئة الأراضي والمستأجر منها معاالقاضي المختص بنظر منازعات الأوقافالرهق التابع للوقف
٤- يصح أن تشترط عليه مبلغاً من المال اضافة إلى المهر، او بشكل دائم، وان تشترط السكن في بلد معين، او مسكن مخصوص، او أن يوفر لها بعض الخدمات الاضافية، ومثل ذلك من الشروط السائغة والتي تصبح لا زمة عند قبول الزوج،
ويتفق الشيعة والحنابلة على صحة كل شرط سائغ في عقد الزواج ولزومه، ويفترقان في أن الشيعة لايرون حق فسخ النكاح عند عدم الالتزام بالشرط، بينما يرى الحنابلة ذلك، .جاء في المغني لابن قدامة:(( أن يشترط لها ان لا يخرجها من دارها او بلدها، اولا يسافر بها،اولا يتزوج عليها، فهذا يلزمه الوفاء به، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح، لأنه شرط لازم في عقد، فيثبت حق الفسخ بترك الوفاء به))،فطبقاً لقول الشيعة والحنابلة فإن كل شرط فيه منفعة لأحد العاقدين، ولاينافي مقتضى العقد، ولم يرد في الشرع ماينهى عنه، فهو شرط صحيح يلزم الوفاء به، وان لم يكن الشرط مما يقتضيه العقد.
اما الزيدية والشافعية والحنفية فقد ذهبوا إلى أن الشرط الصحيح اللازم هو الذي يقتضيه العقد (بأن يكون موجبه حكماً من احكام العقد) او يؤكد مقتضى العقد، او ورد به الشرع، او جرى به عرف،كأن تشترط عليه النفقة او حسن المعاملة وامثال ذلك مما يوجبه العقد في الاساس، واما غير ذلك من الشروط، وان كان فيه مصلحة لأحد العاقدين، كاشتراط المرأة أن لا يتزوج عليها، او لا يخرجها من بلدها، وما اشبه، فهو باطل غير لازم، وان كان لا يؤثر على صحة العقد، و قد أخذ القانون اليمني بهذا القول كما سنرى،وقد ذهب المالكية إلى كراهة هذا النوع من الشروط.

فالفقه الإسلامي يذهب إلى أن  الأصل في الشروط في عقد النكاح الجواز والصحة واللزوم، لحديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ ‏رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ. متفق عليه. فإذا كان حسن الوفاء ورعاية العهد مأمورا به علم أن الأصل صحة العقود والشروط، إذ لا معنى ‏للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره وحصل به مقصوده، ومقصوده هو الوفاء به، وإذا كان الشرع قد أمر بمقصود العهود فدل ‏ ذلك على أن الأصل فيها الصحة والاباحة، فتصح الشروط التي لا تخالف الشرع في جميع العقود.‏

إلا أن أهل العلم اشترطوا لصحة الشرط في عقد النكاح ثلاثة شروط هي: ‏
‏1ـ ألا يخالف مقتضى العقد، لئلا يعود على غرضه بالنقض.‏
‏2ـ ألا يخالف الشرع، ففي الصحيحين من حديث عائشة أن النبيّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال: أَمَّا بَعْدُ، فَمَا ‏بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ ‏شَرْطٍ، كِتَابُ اللهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللهِ أَوْثَقُ. وهذا لفظ مسلم.‏
‏3ـ أن يكون فيه مصلحة للعاقد، فإذا شَرْطُ مَا تَنْتَفِعُ بِهِ الْمَرْأَةُ مِمَّا لَا ‏يُنَافِي الْعَقْدَ كَزِيَادَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي مَهْرِهَا أَوْ نَفَقَتِهَا الْوَاجِبَةِ ، أَوْ اشْتِرَط ان يكَوْنِ مَهْرِهَا مِنْ نَقْدٍ مُعَيَّنٍ ‏أَوْ تَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْقُلَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا، أَوْ أَنْ لَا يُسَافِرَ بِهَا، أَوْ أَنْ لَا يُفَرِّق بَيْنهَا وَبَيْنَ أَبَوَيْهَا، أَوْ أَنْ لَا ‏يُفَرِّقَ بَيْنَهَا ‏وَبَيْنَ أَوْلَادِهَا، أَوْ عَلَى أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ...‏

 فهذه الشروط صحيحة ‏لازمة، إلا أن يكون السفر واجبا كسفر الحج، أو تكون الدراسة العليا تتوقف على محرم كسفر بغير محرم، فلا تدخل هذه الحالات ‏ضمن الشروط المعتبرة لاختلال الشرط الثاني فيها، ومعنى كونها صحيحة لازمة ترتب أثرها وهو ثبوت خيار الفسخ عند الإخلال بها،  ‏‏فَهَذَا النَّوْعُ من الشروط ‏‏صَحِيحٌ لَازِمٌ لِلزَّوْجَةِ بِمَعْنَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ ‏لَهَا بِعَدَمِهِ، لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ: أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَشَرَطَ لَهَا ‏دَارَهَا ‏ثُمَّ أَرَادَ نَقْلَهَا ‏فَخَاصَمُوهُ إلَى عُمَرَ، فَقَالَ: لَهَا شَرْطُهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ: إذَنْ يُطَلِّقْنَنَا، فَقَالَ عُمَرُ: مُقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ ‏الشُّرُوطِ ‏‏ـ ‏وَلِأَنَّهُ شَرَطَ لَهَا مَنْفَعَةَ مَقْصُودَةً لَا تَمْنَعُ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ فَكَانَ لَازِمًا.

 ‏ولايجب  إجبار الزوج على الوفاء بالشرط، لان الزوجة تملك في الشريعة فسخ زواجها لعدم الوفاء، ولذلك ‏يستحب للزوج الوفاء بالشرط وفقا للصحيح من أقوال أهل العلم، لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم.رواه البخاري والترمذي، لِأَنَّهُ لَوْكان الوفاء بالشرط واجب على الزوج َ لجاز إجبار الزَّوْجُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُجْبِرْهُ عُمَرُ، بَلْ ‏قَالَ لَهَا شَرْطُهَا‏،وهذا قول  الجمهور كما قرره الباجي في المنتقى: قال ابن ‏حبيب: وقد استحب مالك وغيره من أهل العلم أن يفي لها بما شرط، وأن ذلك غير لازم للزوج، وعليه جمهور الفقهاء، فلم يذهب جمهور الفقهاء لوجوب  وفاء الزوج بالشرط  لثبوت خيار الفسخ للزوجة.

الوجه الثاني: الوقت المعتبر للشرط:

 

الوقت المعتبر للشرط هو وقت إبرام العقد، إذ يشترط كثير من الفقهاء أن يقترن الشرط بصيغة العقد عند التلفظ بها حتى يكون الشرط معتبر، لأن ذلك يدل على ان إرادة المتعاقدين قد انصرفت عند إبرام العقد إلى الإلتزام بالشرط الذي اقترن بصيغة العقد ، ولذلك يحرص بعض الأمناء على تدوين الشرط في ظهر عقد الزواج قبل العمل بالنموذج الجديد الذي يتضمن حيزاً للشروط التي يتم اشتراطها عند إبرام عقد الزواج.( المغني لابن قدامة ج9 ص، 483 : الفقه الاسلامي وادلته، الدكتور وهبة الزحيلي ج7 ص59).

الوجه الثالث: مكانة شرط تعليم الزوجة بين الشروط:

شرط تعليم الزوجة لا يتنافى مع مقتضيات عقد الزواج، كما أنه ليس من مقتضيات عقد الزواج إلا أنه فيه مصلحة مشروعة للزوجة وللزوج معاً ولأولادهما وللمجتمع كافة، لأن الزوجة المتعلمة خير من الجاهلة، فالزوجة المتعلمة تستطيع مساعدة زوجها ومعاونته في القيام بأعباء الحياة الزوجية وتربية الأبناء وتعليمهم العمل النافع، إضافة إلى أن الزوجة المتعلمة عضو فاعل ومؤثر في المجتمع، ونخلص من هذا الوجه إلى أن اشتراط ولي المرأة عند عقد الزواج اشتراطه تعليم الزوجة شرط جائز يندرج ضمن حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم [المسلمون عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً]، وتبعاً لذلك يجب على الزوج الوفاء بهذا الشرط عملاً بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ...}[(1) من سورة المائدة] ويجيز القانون للزوجة مطالبة القضاء بالحكم بالزام الزوج بالوفاء بذلك الشرط، وعلى القاضي الحكم بإلزام الزوج بالوفاء بشرط تعليم الزوجة مثلما قضى الحكم الاستئنافي الذي اقره حكم المحكمة العليا محل تعليقنا، ويجوز أيضا إتخاذ كافة الإجراءات القانونية لتنفيذ الحكم وإلزام الزوج بتنفيذ شرط تعليم زوجته، وقد اخذ القانون في هذه المسألة بقول والشافعية والزيدية الحنفية، الذين لم يجيزوا للزوجة فسخ الزواج اذا امتنع الزوج عن الوفاء بالشرط، علما بان إجبار الزوج على الوفاء بالشرط يخالف  قول بعض الفقهاء الذين ذهبوا إلى أن وفاء الزوج بالشرط مستحب وليس واجبا، حسبما سبق بيانه.

الوجه الرابع: إمكانية مطالبة الزوجة بفسخ عقد الزواج لعدم وفاء الزوج بشرط تعليمها:

في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا كانت الزوجة تطلب من المحكمة فسخ عقد زواجها لعدم وفاء زوجها بشرط تعليمها الذي تم اشتراطه عند عقد زواجها الذي كان ينص على أن : يتكفل زوجها بتعليمها حتى تكمل التعليم الجامعي، فإذا التحقت بجامعة حكومية فيتحمل زوجها كافة النفقات والرسوم والمصاريف ومتابعة إجراءات الإلتحاق والتخرج، وان التحقت الزوجة بجامعة أهلية فيتحمل الزوج تكاليف سنة في حين يتحمل والد الزوجة تكاليف سنة، ومع أن الزوجة كانت تطالب زوجها بفسخ الزواج لعدم الوفاء بالشرط إلا أن محكمة الموضوع قضت بإلزام الزوج بالوفاء بالشرط بعد أن عدلت الزوجة دعواها، لأن قانون الأحوال الشخصية أوجب الوفاء بالشرط غير أنه لم ينص على فسخ عقد الزواج إذا ما تخلف الشرط حسبما سيأتي بيانه في الوجه الخامس،
فقد اخذ القانون بقول غالبية الفقهاء الذين لم يجيزوا الفسخ لامتناع الزوج عن الوفاء بالشرط خلافاً لقول بعض الفقهاء الذين ذهبوا إلى جواز فسخ عقد الزواج لتخلف الزوج عن الوفاء بالشرط، كالحنابلة الذين  ذهبوا إلى أنه إذا لم يف الزوج بالشروط فلها الفسخ، فترفع أمرها إلى القاضي فيتولى فسخ نكاحها بموجب خيار الشرط، ما لم يظهر منها ‏ما يدل على تنازلها عن الشرط.‏
 فقد  قال  البهوتي  من الحنابلة(  فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ـ أَيْ لَمْ يَفِ الزَّوْجُ لَهَا بِشَرْطِهَا ـ فَلَهَا ‏الْفَسْخُ، لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ، وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لَازِمٌ فِي عَقْدٍ فَثَبَتَ حَقُّ ‏الْفَسْخِ بِتَرْكِ الْوَفَاءِ بِهِ كَالرَّهْنِ وَالضَّمِينِ فِي الْبَيْعِ، ‏وَحَيْثُ قُلْنَا ‏تَفْسَخُ فَبِفِعْلِهِ مَا شَرَطَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ، لَا بِعَزْمِهِ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِلْقَاضِي، لِأَنَّ الْعَزْمَ عَلَى الشَّيْءِ لَيْسَ كَفِعْلِهِ‏)، وأما تولي القاضي الفسخ فقرره الرحيباني في المطالب على الغاية بقوله: وَلَا يَصِحُّ فَسْخٌ فِي خِيَارِ عَيْبٍ وَخِيَارِ ‏‏شَرْطٍ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ، لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَافْتَقَرَ إلَيْهِ كَالْفَسْخِ لِلْعُنَّةِ وَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ عَبْدٍ، لِأَنَّهُ ‏مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.، وأما اعتبار سقوط الشرط بتنازلها عنه: فقد فصّل الكلام عليه البهوتي في الكشاف أيضا بقوله: فَلَا يُسْقِطُ الْخِيَارَ إلَّا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا ‏مِنْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ تَمْكِينٍ مِنْهَا مَعَ الْعِلْمِ بِفِعْلِهِ مَا ‏شَرَطَتْ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِعَدَمِ الْوَفَاءِ وَمَكَّنَتْهُ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهَا لِأَنَّ ‏مُوجِبَهُ لَمْ يَثْبُتْ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَثَرٌ كَالْمُسْقِطِ لِشُفْعَتِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ،( كشاف القناع ٥/٦٥).

الوجه الخامس: الشرط في قانون الاحوال الشخصية:

اجاز قانون الأحوال الشخصية للزوجة الاشتراط عند عقد الزواج، فأجاز لها القانون ان تشترط البقاء في دارها بعد الزواج وان تشترط ان يسكنها في منزل مستقل، فقد نصت المادة (40) على أن (للزوجة على الزوج حق الطاعة فيما يحقق مصلحة الأسرة على الأخص فيما يلي: -1- الإنتقال معه إلى منزل الزوجية مالم تكن قد اشترطت عليه في العقد البقاء في منزلها أو منزل اسرتها فيكون عليها تمكينه من السكن معها والدخول عليها)، في حين نصت المادة (42) من القانون ذاته على أنه (-1- يشترط في المسكن الشرعي أن يكون مستقلا  تأمن فيه الزوجة على نفسها ومالها ، ويعتبر في ذلك حال الزوج ومسكن أمثاله وعرف البلد وعدم مضارة الزوجة وللزوج أن يسكن مع زوجته وأولاده منها ومن غيرها ولو كانوا بالغين وأبويه ومحارمه من النساء إذا كان إسكانهم واجبا  عليه بشرط اتساع المسكن لسكناهم وعدم مضارة الزوجة وان لا تكون قد اشترطت غير ذلك عند العقد -2- لا يحق للزوج أن يسكن مع زوجته ضره لها في دار واحدة إلا إذا رضيت بذلك ويحق لها العدول متى شاءت) ومن خلال ذلك يظهر ان قانون الأحوال الشخصية قد اجاز إشتراط الزوجة واجاز إلزام الزوج بالوفاء بالشرط حسبما سبق بيانه الا انه لم يجز للزوجة  المطالبة بفسخ عقد زواجها بسبب إمتناع الزوج عن الوفاء بالشرط، علما بأن غالبية القوانين العربية قد نصت على جواز فسخ الزوجة لعقد زواجها اذا امتنع الزوج عن الوفاء بالشرط أخذا بقول بعض الفقهاء الحنابلة الذين ذهبوا إلى جواز ذلك ، والله اعلم.

refresh 252

اكتب رسالة مفصلة للمحامي

لم يتم نشر رقم الهاتف! توقع ردا على هذه الصفحة. يمكنك إضافته إلى "المفضلة" والعودة في وقت مناسب لك..

استشارات
0

 

 

Посещаемость:

Яндекс.Метрика